Up next

الصحافة المغربية و التطبيل

0 Views· 09/26/24
Wadifa
Wadifa
Subscribers
0

إلى زمن قريب كانت مهنة الصحافة المغربية مهنة مشرفة وشجاعةحتى، وتعبر عن مدى الإلتزام الأخلاقي والمهني والوطنية الصادقة وليست البهلوانية...حتى صحافة "التطبيل"أو ماكان يسمى بالصحافة"الصفراء" كانت تحترم ذكاء المغاربة والقراء وإن كان بحد أدنى من المسؤولية الأخلاقية،وإلا ما كان ليصدقها أحد،وقد صدقوها كثيرون وٱحسرتاه وأمنوا بها ولكن حبل الكذب قصير كما يقولون...
كان هناك حد فاصل و واضح بين الصحافة التي تنتسب إلى الجهات الرسمية أو المساندة لها بشكل من الأشكال ويدخل هذا في إطار التلفزة والإذاعة ووكالة الأنباء وشق أخر متمثل في جريدة le matin الفرنسية،وجرائد أخرى مرتبطة بأحزاب لكنها كانت تساند دون أي تحفظ كل ما هو رسمي،مثل جريدة "الميثاق" و"رسالة الأمة"...
بينما في الجانب الآخر،قد نجد هناك معارضة مهادنة،مثل حزب "الإستقلال"خصوصا حينما لايشارك في الأغلبية،أو معارضة متفاوتة في درجة المعارضة،مثل بقية أحزاب "الكتلة أنذاك"،والتي كانت تتشكل من منظمة العمل الديمقراطي الشعبي والإتحاد الإشتراكي...
ما ظل يجمع كل هذا الخليط على المستوى الإعلامي،هو الحفاظ على نوع من المصداقية المتفاوتة بين جهة وأخرى.. والأمر واضح لا لبس فيه أمام المتتبعين ومستهلكي "المنتوج" الإعلامي في ذلك الوقت.
وكان الصحافي أمامه حيز ضيق ليساهم ب"منتوجه"،كل حسب وسيلة الإعلام التي يشتغل فيها.وكل يسعى للحفاظ على مصداقيته الخاصة.. فتجد مثلا المشتغل بجريدة معينة إذا ما كتب مقالا أو أي جنس أخر يحافظ فيه على الحد الأدنى من مقومات العمل الإعلامي عكس واقع الحال.الأن أصبح الوضع مختلفا ٱنطلاقا من مجموعة من المتغيرات دخلت ضمنها المنافسة الشرسة والواسعة بين الروابط الإعلامية...، وعدد كثير منها لم يبق مؤسسة تحترم خط التحرير وشروط العمل الصحافي بل تحولت لمقاولات ربحية برغماتية متوحشة،غابت فيها الثقافة والوعي والرقي بالذوق العام إلى تكريس نظام التفاهة حسب ألان دنو.
قد يمكن لأي كان أن يزاحم،وأن "يؤثر"،ويلفت الإنتباه،وينشر يمينا وشمالا.حتى أن الصحافيين الحققيين تاهوا وسط العجاج والزحمة ومنهم من ٱعتقلوا ومنهم من هم معتقلي الرأي تحت السراح المؤقت،ولم يعودوا يظهرون،وغطت عنهم الرداءة وأقصوا وهمشوا،ومنهم من ٱجتاحتهم الموجة الجديدة مع إنتشار الأنترنيت وجشع الأدسنس... وسكنتهم حمى الظهور المستمر بين كل لحظة وحين،عوض الإشتغال على مادة صحافية واحدة جيدة ومسؤولة كما عهدنا في الصحافة الملتزمة.فتجد بعضهم ينشر جملا غامضة ومبهمة ويعتريها لبس مابعدها لبس حتى تصير لا تحمل أي معنى...
وهناك من يعرض صورة وعليها تعليق أو بدونه،كيفما ٱتفق دون مراعاة لأبسط أخلاقيات المهنة حتى،وهناك من يلعب دور "النݣافة"مع كامل الإحترام لأشخاص أخرين بطريقة سمجة تثير العطف والشفقة وبخل الذكاء حتى،وهناك من يدبج المواضيع ذبحا حراما أخلاقيا ومهنيا وفكريا...
وهناك من حمل/ حملت ميكرفونا، وملأ الأسماع بالضجيج عبر مواقع "إحتيالية"،لا علاقة لها بدور الإخبار السليم ونقل الخبر...
بإختصار،لقد أصبح الإنسان في خضم سوق مفتوح على كل شيء ويقال فيه كل شيء حتى لأتفه التافهين والمؤثرين،إلى درجة الدوران والتيهان...
وبالتالي فغالبية السابحين والمتصفحين والوالجيين لعالم الأنترنيت مشدودين إلى اللامعنى، إلى الفراغ رغم كل ما يعتقده "صحافيو" اليوم ومَن على شالكتهم بأن الناس يفهمون ويستوعبون.. ردود الفعل المنعدمة تؤكد ذلك.. كمن يفرغ الماء على الرمل.

Show more

 0 Comments sort   Sort By


Up next