قضية توفيق بوعشرين - الجزء الأول
قضية توفيق بوعشرين... حق عام أم تصفية صوت معارض؟
يواجه الصحفي المغربي توفيق بوعشرين تهماً تصل حد الإتجار بالبشر. فهل هي قضية حق عام بالفعل؟ أم أنها تصفية حسابات مع واحد من آخر الأقلام الناقدة في المغرب؟ دويتشه فيله تكلمت مع محامي بوعشرين حول خبايا القضية.
استغراب وامتعاض وتباين كبير في الآراء أثاره اعتقال توفيق بوعشرين،الصحفي ذي القلم المشاكس الذي "يزعج بعض الجهات بافتتاحياته وآرائه اللاذعة"، حسب قول أحد محاميه عبد الصمد الإدريسي في حوار DW عربية. جاء بعد ذلك بلاغ النيابة العامة في الدار البيضاء مطلع الأسبوع الجاري، ليحول الاستغراب إلى صدمة إثر إحالة بوعشرين، مدير صحيفة "أخبار اليوم" المغربية وموقع "اليوم 24"، إلى غرفة الجنايات لمحاكمته بتهم بينها الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي والاغتصاب. كما تضمن البيان الإشارة إلى وجود مقاطع فيديو بحوزة النيابة العامة تدين بوعشرين بالتهم الموجهة إليه.
تهم اعتبرها محاميه الآخر، محمد زيان في حوار مع DW عربية، أمراً عدمياً حسب قوله، وأضاف بالقول إن النيابة العامة "تدفع الناس لقول ذلك". وبحسب الزيان فإن الضحيتين الوحيدتين المعنيتين، وهما الصحفية خلود الجابري والسياسية نعيمة لاحروري، لم تحضرا جلسة الاستماع لدى النيابة العامة.
طريقة غير اعتيادية للتعامل مع القضية
بدأت القصة بمداهمة قام بها قامت بها قوات الشرطة لمقر صحيفة "أخبار اليوم" في الدار البيضاء عصر يوم الجمعة الماضي (23 شباط/ فبراير 2018)، لتعتقل مؤسسها ومدير نشرها توفيق بوعشرين وتصادر مفاتيح مقر الصحيفة. التعليق الرسمي الوحيد جاء حينها من قبل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الذي برر الاعتقال بـ"شكايات توصلت بها النيابة العامة" دعت إلى إجراء تحقيق قضائي مع بوعشرين. ولكن سرعان ما رُفعت أولى علامات الاستفهام حول آلية الاعتقال، وهي عملية وصفها المحامي عبد الصمد الإدريسي بـ"الطريقة غير المفهومة للتعاطي مع قضايا من هذا النوع"، وأضاف أنه كان بالأحرى أن يتم استدعاء بوعشرين بدلاً من مداهمة مقر الجريدة لاعتقاله.
وخيمت التكهنات والشائعات حول صحة التهم الموجهة لبوعشرين، خاصة وأن النيابة العامة تحفظت على أسماء النساء اللواتي من المفترض أنهن قدمن الشكاوي.
في 14 فبراير 2018 المصادف لعيد الحب صادق البرلمان المغربي على "قانون محاربة العنف ضد النساء" الذي من شأنه تجريم حالات التحرش الجنسي
من ناحيته، أكد المحامي محمد زيان أن جلسة الاستماع في النيابة العامة لم تتضمن أي شهادة مباشرة من الضحايا، مضيفاً أن تهمة الاغتصاب الموجهة لبوعشرين يجب أن تقترن بشهادات طبية، ولكن ملف قضيته يفتقر في الحقيقة لهذه الشهادات.
عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية حنان رحاب قالت من جانبها إن من حق الضحايا المفترضين أن يتمتعن بالمساواة أمام القانون وإن من حقهن الدفاع عن حقوقهن دون أن يتعرضن لأي ضغط إعلامي، ولكنها تابعت قائلة: "نحن ننطلق من أن المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته"، وعبرت عن ثقتها بنزاهة
القضاء في المغرب.
بوعشرين.. الصحفي الذي "أخل باحترام الأمير"
المناوشات بين السلطات المغربية وتوفيق بوعشرين ليست وليدة الأمس، فاسمه لا يظهر فقط في ترويسة افتتاحياته ومقالاته، بل أيضاً في عناوين صحف أخرى في كل مرة نشهد فيها منازلة بين السلطات المغربية وقلم بوعشرين. ليست أولى المنازلات ما حصل عام 2009، عندما حُكم على توفيق بوعشرين بالسجن أربع سنوات مع وقف التنفيذ بتهمة "الإخلال بالاحترام الواجب لأمير"، بسبب نشر صحيفته "أخبار اليوم" كاريكاتيراً عن حفل زفاف الأمير إسماعيل، ابن عم العاهل المغربي.
ولم تكن آخر المنازلات ما صدر بحقه مؤخراً بدفع مبلغ يصل إلى أربعين ألف يورو لوزير الفلاحة، عزيز أخنوش، ووزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، بسبب دعوى رفعاها عليه بتهمة السب والقذف.